أجرت قناة آي فيلم العربية حواراً مميزاً مع واحد من أعلام الإخراج وأيقوناته في إيران وصاحب أروع الأعمال التي طالما خلدت لقطاتها وحبكاتها بحروف من ذهب في عقول وقلوب المشاهدين في العالم الإسلامي والعربي، إنه المخرج المخضرم سيروس مقدم صاحب "العاصمة" و "مدينة" و "إلى ثريا" و "يوم الحسرة" و "ميكائيل" ....وعدد لا يحصى من الروائع التلفزيونية.
حيث يعتبر مقدم من أكثر المبدعين تألقاً خلف الكاميرا في رواية القصة بلغة الصورة والفيديو واللوكيشن، قدم عدد من الاعمال التي تناولت جوانب مختلفة من حياة ومعاناة المرأة في المجتمع منها "نرجس" و "مدينة" و "إلى ثريا" الأعمال التي صورت بشكل أكثر من واقعي قيمة المرأة وعالمها وأهوالها وجل المنعطفات التي قد تعصف بها في أي وقت وحال ضمن المجتمع ورياحه العاتية ومتقلباته المختلفة.
عن مسلسل "إلى ثريا" وكيف تحول الهوس إلى إبداع وإثارة دار الحديث مع المخرج المتألق سيروس مقدم الذي يعتبر "ثريا" شخصية تلامس الواقع وتتواجد بشكل طبعي فيما بيننا وهو الدليل على قرب العمل من قلب المشاهد، نمر معكم من خلال الحوار التالي على أبرز خفايا وتجارب وأسرار "إلى ثريا" وإليكم أبرز ما جاء فيه.
_ من المثير للإعجاب أن يتناول مخرج رجل عالم المرأة وهواجسه بهذه الدقة والتصوير اللامتناهي في البراعة، وكذلك إلمامه بهذا القدر من التفاصيل..كيف إستطعتم ملامسة شخصصة "ثريا" بهذه الطريقة الرائعة وأبعادها ورونقها؟
حسناً، في الحقيقة أن جزءا كبيرا من الفضل في ذلك يعود إلى نص المسلسل الجيد وكاتب العمل السيد فرهادي ومقاربته الوثيقة لشخصية بطلة القصة مما جعله ينجح حسب تعبيركم بمحاكاة عالم إمرأة متوسط العمر و ينظر إلى القصة وفق معاييرها، أما بالنسبة لي بعنوان رجل ومخرج يعيش هذا الواقع طالما رأيت شخصيات مشابهة في معاناتها وحياتها ل "ثريا" كما أن معرفتي خبرتي في الحياة تمنحني الكثير من الزخم لمعرفة تلك التفاصيل فأردت حياكة هذه التفاصيل بفن الصور المتسلسل والدرامي وتقديمها للمشاهد.
إستقلال المرأة في مجتمعنا مختلف تمام عن الرجل وله متاهاته التي قد يمر بها الرجل، حيث شاهدتم معاناة "ثريا" صاحبة ال 35 عاماً وما كابدته من آلام ومسؤوليات إجتماعية لتقف على قدميها وتواجه الوقع ورغم حصولها على فرصة للإرتباط لك تسطع فعل ذلك بسبب ما كانت تمر فيه.
_ لكن "ثريا" كانت تتمتع بروح شجاعة ورجولية ولم تكن إستقلاليتها ضعيفة المستوى؟
دليل هذا الأمر هو إعتماد "ثريا" على نفسها وإراداتها لسنوات عدة مما أوصلها إلى هذا النضج و الإستقلال على مستوى الشخصية، وعندما استقلت "ثريا" بدأت تعيش الإدارة الأنثوية حيث رأينا كيف أدارت مطبخ أحد المشافي رغم وجود الرجل، إضافة إلى نجاحها في الإدارة المنزلية وتربية الأبناء، ولذلك فإن كون المرأة زوجة وأنثى لا يزيل الإعتراف بإستقلاليتها وشخصيتها الرصينة في المجتمع.
_ دور الفنانة آزيتا حاجيان في تجسيد وتصوير المرأة كان قويا ليشكل إحدى نقاط تميز المسلسل ومادة مختلفة قدمتها حاجيان برزت للمشاهدة بطريقة مغايرة لباقي أعمالها؟!
في الحقيقة أنني بمجرد قراءة سيناريو المسلسل تخيلت الفنانة آزيتا حاجيان هي "ثريا" صاحبة الدور"، لأن معرفتي بالفنانة حاجيان يبعد أكثر من مجرد ممثلة، "ثريا" في قصتنا كانت إمرأة متوسطة العمر وتظهر بشيء من الجمال والعمر والرصانة وكذلك قوة الشخصية لتجعل أحدا مثل العقيد الذي مثل دوره الفنان همايون ارشادي يحبها ويتعلق بها، وانا سعيد بإختياري لها عندما أراجع العمل وأدرك كم كانت الشخصية مناسبة لسياق العمل.
_ خلال سرد قصة المسلسل قصدتم إيصال رسالة أخلاقية وتوضيح مسألة الربا والكسب غير المشروع وبشكل عام بحث الحلال والحرام، حيث سعت الأحداث إلى تعريف الربا وفصله عن الشراكة المحللة والصحيحة لنرى "ثريا" ترفض الربا وفقاً لمعاييرها و مبادئها الأخلاقية والدينية والأصولية أما ترانيم العمل كانت توحي وكانها مرتابة وتمارس عملا غير مشروعا؟ ألا يوجد تناقض في ذلك بين الرسالة والأداء؟
القضية ليست بهذا الشكل لأنه مع تقدم الأحداث نرى "ثريا" في حالة هوس تام من الخطأ والحرام لكنها تدريجيا ومع مذاق طعم المال والرفاهية تبدأ بإغماض عينيها عن بعض الحقائق لتتقبل بعد ذلك الربح الوفير ولا تتحمل الخسارة، مما يبين أن أيا من أهل الإيمان حتى معرض لهذا الشكل من الخطأ والحرام الذي يتسلل إلى داخل القلب رويدا رويدا ثم يستولي عليه.
_ قصص وحكايا قصيرة تخللت العمل مثل قصة مسعود وزوجته أو حميد ونغين ، من جهة أخرى نثرات الحب الدائرة حول العقيد لتأتي كلها في نسق موحد، لكن تعدد المواضيع لم يكن خطراً على التجزئة وضياع الفكرة الأصلية والسرد المتناغم لرسالة العمل؟
حسنا، كل هذه القصص عبارت عن مقدمات دارماتيكية تساعد على التركيز على مكان"ثريا" شخصية البطلة المحورية و إبرازها بواقعية أكثر، حيث شكلت هذه القصص القطع اللازمة لحل لغز اللوحة الكاملة و توهجها، كما ان العمل على ذلك لم يوفر شارة المسلسل حتى من صور وتركيبات متناغمة.
_رغم أن قصة "ثريا" كانت حزينة و قاتمة لكنها لم تحمل المشاهد مشاعر اليأس والإحباط مثل مرارة وألم مسلسل "تحت الثامنة"؟
حاولت أن أقدم الحياة من خلال "إلى ثريا" بمزيجها وأضدادها المختلفة مثل السعادة والحزن والبسمة ومختلف المشكلات لتأخذ نسقا واقعيا وقريبا كما انه يخالف حبكة وقصة "تحت الثامنة" مما ابرز العمل كحيتنا التي تخالها الدمعة والبسمة في نفس الوقت أحيانا.
م.ع\د.ت